فقه التنزيل معناه وعلاقته بفقه النص

Abstract

     الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على من بين للناس ما نزل إليهم لعلهم يهتدون، وعلى آله وأصحابه ورثة علمه، وحملة شرعه، من نفرت منهم طائفة فتفقهت في الدين، بوعي مقال، وفهم حال، وتنزيل أوّل على تال.

وبعد فإن مسائل الفقه "تفتقر إلى نظرين" نظر في دليل الحكم وهو الاستنباط، ونظر في تحقيق مناطه ، وهو التنزيل" والاجتهاد في هذا التنزيل محتاج كذلك إلى مستويين من البحث، مستوى يهتم بالتنظير "التقعيد" ببيان الأصول والقواعد التي يقوم عليها هذا النوع من الاجتهاد، والشروط والضوابط التي تحكمه، ومستوى يهتم بتطبيق تلك القواعد على محالها.

وإذا كنا في كل زمان وفي كل بيئة محتاجين إلى فقه التنزيل، لتحقيق معنى ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ فنحن في زماننا هذا وبيئتنا هاته أشدّ إليه احتياجاً، أفرادًا وأمــة، شخوصًا وأوطانًا، إذ لا يخفى ما نعيشه من متغيرات خرجت علينا بما لا عهد ولا عُدَّة، ما استوجب نفرة عُدُول من أولي الألباب والنُّهى، والأحلام والتقى لانتقاء ما يناسب الحال والمقام مما في الصحائف من أحكام، إذ جل مشكلاتنا بل وصراعاتنا مرجعها إلى الخطإ في تنزيل الأحكام على أحوال المكلفين، ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا: إن الخطأ صار بسبب الخلل في تنزيل الأحكام إما لأن القائمين عليه ليسوا من أهل النظر في هذا، أو لأنهم لم يُحسنوه، صار الخطأ خطيئة استبيحت بها أنفس، واستحلت فروج، ولا عاصم إلاّ بأن يأخذ القوس باريها، ويتصدى للأمر أهله وذووه، وهذه محاولة لا أبتغى منها إلا لفت الانتباه إلى هذا النوع من الاجتهاد الذي لا ينقطع ما بقيت على الأرض حياة، أشرت فيها إشارات موجزة إلى معنى التنزيل في اللغة والاصطلاح ومراحلــه، وبيان الحاجة إليه، والعلاقة بينه وبين فقه النص، جاعلا ذلك في أربعة مباحث، لكل مما ذكر مبحث، متوكلا على الله ، منيبا إليه راجياً منه التوفيق ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾