الكاثوليكية النشأة والتطور العقائدي

الملخص

يتناول هذا البحث دراسة لمذهب الكاثوليكية والذي يعد أحد أقدم المذاهب المسيحية وأكثرها تأثيرًا في التاريخ الديني والسياسي للمسيحية والعالم الغربي. انطلقت الكاثوليكية من رحم المسيحية الأولى في فلسطين، وتشكلت تدريجيًا على مدار القرون الأولى من خلال تفاعل معقد بين النصوص الدينية، والفكر الفلسفي اليوناني، والمواقف السياسية داخل الإمبراطورية الرومانية. يناقش البحث الظروف التي نشأ من خلالها مصطلح "كاثوليك" والذي يعني "الشامل" أو "العام"، ويبيّن كيف تبنّت كنيسة روما هذا الوصف لتمييز نفسها عن الجماعات المسيحية الأخرى، وصولاً إلى فرض نفسها كممثّل رسمي للعقيدة المسيحية الصحيحة. كما يتعرض الباحث للمراحل الفكرية واللاهوتية التي ساهمت في تبلور العقيدة الكاثوليكية، من خلال التصدي للبدع والهرطقات اللاهوتية مثل الغنوصية، والمرقيونية، والآريوسية، وهي أفكار ظهرت خلال القرون الثلاثة الأولى وأثرت في فهم المسيح وطبيعته. وقد استعرض البحث كذلك دور المجامع الكنسية الكبرى، مثل مجمع نيقية (325م) ومجمع خلقيدونية (451م)، في صياغة مفاهيم محورية مثل ألوهية المسيح، وشهادة الإيمان، ووحدة الطبيعتين الإلهية والبشرية في شخصه. كما خُتم البحث بتناول الأسرار السبعة التي تعد جزءًا جوهريًا من العقيدة الكاثوليكية، وتمثل مراحل ارتباط المؤمن بالمسيح منذ الولادة حتى الوفاة. يبرهن البحث أن الكاثوليكية لم تنشأ فجأة، بل كانت نتاجًا لتطورات عقائدية، وتفاعلات ثقافية وفكرية، وصراعات دينية وسياسية، ما يجعلها تجربة دينية مؤسسية معقدة وغنية بالأبعاد