بلاغة الذكر والحذف

الملخص

الحمد لله جعل اللغة العربية وعاءً لقرآنه الكريم، فكان الدرس البلاغي من أهم الموضوعات التي يجب دراستها والوقوف عند أساليبها وأدواتها وجماليات استعمالها ويعد اسلوب الذكر والحذف من الأساليب البلاغية المهمة في الدرس البلاغي لما له من بالغ الأثر في المعني وعلى ذلك جاءت أساليب العرب متناسقة قوية في أداء المعاني فتارةً ترى الكلام قد جاء على نسقه المعتاد وهو أن تساق الجملة مستوفية أجزاءها ،وقد يتغير ذلك بتغير هذا النمط فيحدث في الكلام حذف لأغراض بلاغية فيكون المحذوف إما حرفاً من كلمة، أو كلمة من جملة أو جملة من سياق أو جمل أو فقرات متعددة، ولا يكون ذلك الحذف حذفاً بلاغياً إلا إذا ساعد على الإيحاء بمعان ومشاعر تزيد الأسلوب قوة وتأثيراً، وما جاء ذلك إلا لحكمة مقصودة تتماهى مع السياق وبشكل مدروس ومتقن أعلى درجات الإتقان والرصانة فترى حذفاً لحرف من كلمة ذكرت في سياق بينما تراه قد ذكر في الكلمة نفسها في سياق مغاير، وذلك مما يدل على أن الحذف الذي وقع في كلمة دل على اقتطاع جزء من الحدث وعند ذكره فإنه يعني أن الحدث قد استغرق الفعل وزيادة، وقد يكون الحذف للدلالة على الإيجاز واختصار الكلام وهكذا دواليك أو يكون لغرض دفع السآمة والملل عن المخاطب بما يضفيه من جدة وطرافة فيكون بحذف عديد التفاصيل والاستغناء عنها بمفردة أو جملة قد تستغرق كل ما يريد المتكلم شرحه وتفصيله، ولا يكون ذلك مجدياً إلا إذا ساعد على الإيحاء أو ربط الكلام بعضه ببعض دون أن ينقطع خيط الاتصال الفكري

أن العربية تحوي أنماطا متعددة من الحذف فهي لا تكتفي بالاستكثار (من الحذف ، ولكنها تنوعه أيضاً حتى لو قال قائل : إن العربية هي لغة الحذف ما كان عليه من ذلك بأس"

وأن الحذف لا يحسن في جميع الأحوال ، إذ ينبغي ألا يكون هناك غموضا  في المعنى أو فسادا في التركيب، وهذا ما يُؤيده قول ابن مالك في ألفيته :

وَحَذْفُ ما يُعْلًمُ جَائِزٌ كَمَا       تقول (زَيْدٌ) بَعْدَ (مَنْ عِنْدَ كُمَا