الآخــر في شعــرنا القديم قراءة في الصورة الشعرية في شعر البحتري (285هـ)

شخصية الواشي نموذجـاً

الملخص

تقوم فكرة البحث على محاولة نقل شخصية (الواشي ) من التصنيف السلبي  الراسخ في العقل الجمعي في السياق الاجتماعي ، إلى التصنيف الإيجابي في السياق الشعري ، ذلك أن هذه الشخصية الشعرية الجدلية حين تخضع لقوانين المؤسسة الاجتماعية  فإنها لا تتحرك  إلاَّ بين قطبي ثنائية (المسموح و الممنوع)، دون أن يكون لها موقع في المساحة الافتراضية بينهما ، أما عندما تنتظم في منظومة المؤسسة الشعرية فإنها تحرر من ثنائيات مناظرة يُظن أنها تكبل التدفق الشعري ، وتقيد الإبداع الفني من مثل ثنائيات : (الحلال و الحرام)  و (المقبول و المرفوض ) و (الدنيوي و الأخروي) ، فإنها بمكن أن تنتقل ــ شعرياً ــ إلى الجانب الإيجابي ، حين تسبح في فضاء الشعر اللامتناهي، وهذا ما يبدو واضحاً في اختيار  مصطلح الواشي من الوشي وهو الزينة و الجمال، والذي هو ــ اصطلاحياً على المستوى الاجتماعي ــ يعني نقل الكلام بين المحبين لغرض الإفساد بينهما ، أما بلغة النقد الشعري الذي يعني (كشف جوانب النضج الفني في العمل الشعري) فإنه يعني صناعة الشعر وتزيينه  وتجميله بالمحسنات البديعية ، وهي الفكرة التي تلقفها شوقي ضيف من أستـاذه طه حسين وبنى عليها رسالته للدكتوراه بإشراف أستاذه ، الموسومة بـ(الفن ومذاهبه في الشعر العربي) .

ومع الاعتراف الشديد من هذه الصفحات بفضل الشاعر على هذه الشريحة المجتمعية (الوشاة) بهذه النقلة الإيجابية بلفت النظر إليه، لكن الشاعر يبدو مدَّعياً عليها ، دون أن يتيح الفرصة للواشي نفسه بمقابلة هذا النص الشعري بنص آخر قد يكون ذا قيمة إبداعية على النحو الذي نراه في النقائض الشعرية على نحو ما ، أو على الأقل فإن هذه الشخصية كانت وراء التحفيز نحو انتاج شعري أكثر إبداعاً، بوصفها أثارت الانفعال الشعري، وخلقت روح التحدي في السباق في مضمار التنافس للوصول إلى المحبوب.