أثر الاستتابة والتوبة والعفو في إسقاط الحد

دراسة وصفية تحليلية

الملخص

جعل الباحث هذه الورقات تتحدث عن بعض مسقطات الحدود بعنوان: أثر الاستتابة والتوبة والعفو في إسقاط الحد.

وكان سبب اختيار هذه المسقطات دون غيرها أنها هدية من الله – سبحانه وتعالى – لعباده لكي يتراحموا فيما بينهم، وكذلك لما فيها من فروق دقيقة قد تؤثر في العقوبة الحدية إيقاعاً وعدماً من حيث ماهيتها ووقت إيقاعها وقبولها من عدمه.

فالهدف من هذا البحث إبراز سماحة الدين الاسلامي وإظهار يسره فيما يتعلق بتطبيق الحدود المتكاملة الأركان، فهذه المسقطات الثلاثة توقف تطبيق الحد على مرتكب سببه ولكن بشروط ومعايير سأوضحها في هذا البحث.

فقد حدد الباحث العقوبة الحدية التي تكون معها هذه المسقطات واختلافها عن باقي العقوبات من حيث تعلق كل منها بحق الله، أو حق العبد، أو كليهما، وما يترتب على ذلك من جواز أو منع تطبيق العقوبة، فتناول الباحث كل ما سبق باختصار مؤيداً آراء وأقوال الفقهاء بالمقاصد الشرعية التي كانت عوناً للباحث عند الترجيح أو التعليق والبيان.

ولا يخفى أن الأصل العام في العقوبات الحدية هو عدم جواز إسقاطها؛ لتعلقها بحقوق، غير أن الشريعة الإسلامية قد جعلت مخارج تحول دون تطبيق الحد على مرتكب سببه في بعض العقوبات الحدية كالردة والحرابة والسرقة وغيرها، بشروط معينة، وفي مراحل وأوقات محددة، وهذه المخارج لا تتعارض مع الأصل العام الذي يقتضي عدم إسقاط العقوبة، وهذا ما بينه الباحث وفق مقصد شرعي منضبط لكل مسقط.

وقد توصل الباحث إلى عدة نتائج ومن بينها:

عدم حصول الاستتابة إلا بعد رفع الأمر إلى السلطان، فلو تحققت قبله لا تسمى استتابة بل تسمى توبة وبذلك لا يحتاج إلى حكم الحاكم، فقد ارتد المرتد ورجع عن ردته.

إن الاستتابة مع كونها غاية مقصودة لذاتها فهي كذلك وسيلة لدرء الحد عن مرتكب سببه.

إن التوبة لا تكون إلا مع جريمة الحرابة المتمثلة في إفزاع الناس وقتلهم وسلب أموالهم، فيكون مقصودها الإقلاع عن الحرابة.

لا تكون التوبة إلا قبل الرفع إلى السلطان، فلو شرعت بعده لأصبحت استتابة، وبذلك قد تنتفي شروط التوبة.

إن العفو وإن كان مستحباً شرعاً لا يُتَسَاهل فيه في الجرائم العمدية "العدوانية" حتى لا يكون عرفاً سائداً يجر إلى تعطيل الحدود وكثرة المفاسد.